نشهد تصعيدًا خطيرًا في الممارسات الفاشيّة الشرسة بحق شعبنا الفلسطيني كله، مع حرب الإبادة   على غزة، حيث يقتل عشرات الآلاف ويتم تشريد جميع الفلسطينيين فيها، ويتم تجويع أهلها ومحاولة تفريغ غزة منهم. بالتوازي يتم تدمير وتهجير المخيمات في الضفة الغربيّة وتتواصل الاعتداءات والاقتحامات واعتقالات مستمرة في كافة المناطق، وفي السجون تنتهج سياسة تعذيب وتجويع الأسرى. كما يُعاد تعريف الفلسطيني في الداخل، حيث يمنع العمل السياسي وكل تنظم يسعى نحو استمرارية بقاء العمل السياسي والجماعي. برزت هذه الممارسات منذ بدء حرب الابادة   على غزة مع حملة اعتقالات واسعة طالت فئات وشرائح مختلفة، والملاحقات وفصل الطلاب الجامعيين والعاملين في قطاعات مختلفة والملاحقات في جهاز التربية والتعليم، ملاحقة واعتقال باحثات وباحثين ومحاضرين/ات فلسطينيات\ين في الجامعات الإسرائيلية، حظر الحركات السياسية الناشطة وتوقيف الجمعيات الإغاثية، إقصاء شخصيات سياسية، تنفيذ الاعتقالات الإدارية في العشرات من الملفات، طالت أيضًا ناشطين سياسيين مخضرمين، تهديد في سحب الجنسيات وطرد عائلات، وملاحقة الجمعيات والتضييق على عملهم، هدم البيوت والتهجير القسري في النقب. ازداد التصعيد في الفترة الأخيرة وخلال الحرب على إيران، حيث تمت ملاحقة الصحافيين وتقييد عملهم، اعتقال عشرات الشباب والنساء، والتهديد بإقالة نواب فلسطينيين في البرلمان وشطبهم.

نحن مؤسسات مجتمع مدني فلسطيني في الداخل، نرفض السياسات والممارسات الفاشية، ولن نرضخ لها. سنستمر في العمل لدعم مجتمعنا وشعبنا، وسنستمر في تسليط الضوء على هذه الممارسات، كشفها وفضحها. بات واضحًا بأننا نواجه حكم عسكري غير معرّف بشكل واضح، يشدد اضطهاده وقمعه للفلسطيني، ويُكمّم الأصوات النقديّة الحرّة، ويعتدي على أبسط الحقوق السياسية والمدنية، ويعيد تعريف الفلسطيني وكيف يُكمُن وجوده هنا، لطالما يرضخ ويخضع ويسير في المساحات المفروضة عليه والمسموحة له، مع تفريغ كامل للعمل السياسي على مستويات وأصعدة شاملة.

محاولة إقصاء النائب أيمن عودة من الكنيست، فقط بسبب المواقف الإنسانية المنددة بالحرب والدمار والمعارضة للسياسات الحكومية الفاشية، وهو خطوة خطيرة في مسار تصفية التمثيل السياسي للفلسطينيين في الداخل. وقد سبقها إبعاد النائبة عايدة توما سليمان، وملاحقة النائب د. أحمد الطيبي، والنائب عوفر كسيف، والتجمع الوطني الديمقراطي وكذلك الحركة الإسلامية الشمالية بإخراجها عن القانون، الأحزاب كلها واحد تلو الآخر تعرضوا ويتعرّضون لاستهداف متواصل لكونها أحزاب فلسطينية ترفع صوتها داعمة شعبها وأبنائه وبناته في غزة والضفة والداخل وتشيد بقيّمها ومواقفها الرافضة للسياسات العنصريّة والاستعماريّة والاستيطانيّة، ولسياسات الحرب والدمار وكذلك الاحتلال.

في موازاة ذلك، يتصاعد القمع ضد الصحفيين والصحفيات، الذين يُلاحَقون ويُستدعون للتحقيق، فقط لأنهم ينقلون رواية شعبهم، ويعبّرون عن الحقيقة.

 وتُضاف إلى هذه الحملة سياسات ممنهجة لمنع التظاهرات، واعتقالات سياسية تطال الناشطين والناشطات، ملاحقات وابعاد وفصل الطلاب عن الجامعات، وللمحاضرات والباحثات\ين مثل بروفيسور نادرة شلهوب كيفوركيان وذلك بعد اعتقالها والتحقيق معها وكذلك اعتقالات وملاحقات لفنانات وممثلات مثل الفنانة دلال أبو آمنة والممثلة ميساء عبد الهادي، وتنفيذ اعتقالات ادارية عدة، منها للسياسي والقيادي رجا اغبارية، حظر حركات سياسية وناشطة فاعلة كلجنة افشاء السلام، والملاحقة الجنائية للقيادات السياسية والنشطاء.  كل ما يحدث هو تصعيد خطير بحق جميع الفلسطينيين بالداخل، تقييد العمل السياسي، وفرض مساحات تعبير محددة.

ولم تتوقف الإجراءات عند الملاحقة فقط، بل بلغ الأمر حدّ التهديد بسحب الجنسية، كما جرى مع سناء سلامة دقّة، التي تعرّضت للاعتقال السياسي والتهديد بتجريدها من مواطنتها، فقط لأنها زوجة الأسير وليد دقّة، ورفعت صوتها إنسانيًا ووطنيًا دفاعًا عن كرامة شعبها. إن سحب الجنسية لم يعُد تهديدًا نظريًا، بل أداة عقابية خطيرة في يد الدولة، تُستخدم ضدّ من يرفض الخنوع ويُصرّ على التعبير عن رأيه.

نحن، في المجتمع المدني الفلسطيني في الداخل، نُدين بشدّة هذا الانزلاق الفاشي، ونُؤكّد وقوفنا إلى جانب شعبنا بكل من فيه: شبابنا، الناشطين والناشطات، الصحافيات والصحافيين، المحاضرات\ المحاضرين وكل العاملين والموظفين، الحركات السياسية والأحزاب، والنوّاب، وجميع من يتعرّض للتهديد والملاحقة.

 لن نصمت أمام هذه السياسات، وسنواصل الدفاع عن كرامتنا، وحقوقنا، وهويتنا، وحقّنا في التعبير والعمل والتنظيم.

لن يُقصى صوتنا… ولن تُكسر إرادتنا.

 المجتمع المدني الفلسطيني في البلاد

 26 حزيران/يونيو 2025

 

التوقيع

جمعية نساء ضد العنف

مركز الطفولة مؤسسة حضانات الناصرة

محامون من أجل إدارة سليمة

المركز العربي للتخطيط البديل

لجنة متابعة قضايا التعليم العربي

جمعية التطوير الاجتماعي حيفا

جمعية تشرين – "حراك وتمكين مجتمعي"

جمعية الشباب العرب بلدنا

عدالة - المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في اسرائيل

كيان تنظيم نسوي

مدى الكرمل - المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية

حملة - المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي

جمعية الثقافة العربية

جمعية مواطنون من أجل البيئة

إعلام - المركز العربي للحريات الاعلامية

السوار- حركة نسوية عربية