نسعى من خلال هذا المشروع إلى تعميق التربية حولَ موضوع الهويّة والانتماء في مدارسنا العربيّة من خلال مشروع بحثيّ شيِّق يتعرَّف فيه الطَّالب\ة على قصَّة عائلته\ها وكيفيّةِ تقاطِعها مع قصَّة الشَّعبِ الفِلسطينيِّ.
في هذا المشروع يخوضُ الطّالب\ة رحلةً عميقةً للتَّعرف على الأنا الشخصيّ، وربطه مع قصَّة العائلة المصغَّرة، ثمَّ المجتمع المصغَّر في الحارة والمدرسة والقرية\المدينة، وحتَّى الوصول إِلى المجتمع الكبير والشَّعب الفلسطينيّ ودوائر انتماء أَوسع ينتمي\تنتمي له\ا الطّالب\ة إضافةً إِلى مركَّبات الهُويّة المختلفة، وذلك لِبلورةِ هُويَّةِ الطّالب\ة وتَأصيل انتمائهِ لمجتمعِهِ وتثبيت هذه العلاقة من خلال البحث والمعرفة العميقة والتَّفكير المركَّب وتعزيز القيم الإنسانيّة والابتعاد عن التّعصب الأَعمى والتّعلّم من التَّجارب المختلِفَة.
يأتي هذا العمل كمبادرة وكمساهمة في إيجاد حلول لتجاهل مناهج التَّعليمِ الرَّسميّة لهُويتنا الوطنيّة والجَمعيّة ولتاريخنا ولعلاقتنا بوطنِنا بل ومحاولة السّلطة إِضعاف انتمائنا الوطنيّ المشترك بشتى الوسائل. في غياب التعاطي الحقيقيّ مع موضوع الهُويَّة والانتماء والتربيَة للقيم الإنسانيّة، تتعمَّق حالة الاغتراب في مدارسنا ويزداد عجز المؤسّسات التربويّة وطواقمها في التعاملِ مع احتياجاتِ مُجتمعِنا ومواجهةِ مَشاكل اجتماعيّة كالعنف والجريمة. في هذا الواقع لا بد منْ أَخذِ المسؤوليَّة والمبادرة وعدم انتظار التغيير في المناهج والسياسات خاصّةً وأَنَّ هناك حيِّزًا مُعيَّنًا يُتيح لمبادراتٍ من هذا النَّوع أَنْ تُنَفَّذُ. في هذه الحالة هناك مشروع شبيه موجود في المدارس اليهودية منذ زمنٍ (עבודת שורשים) فما المانع من تنفيذه أيضًا في المدارس العربيّة.
لتشجيع المعلمين\ات والمؤسسات على تبني الفكرة يقمنا بتطوير مرشد للعمل مع الطلاب. يَعتمد المرشد على موادّ نظريَّة وفعاليات ووحدات تربويّة وعمليّة، وطرق بحث مميّزة تعتمد على مقابلة الأجداد والكبار في العائلة وتوثيق محطات أساسيّة في العائلة، مرتبطة بوضع العائلة قبل النكبة وخلالها وبعدها، وقصَّة أَملاك وأراضي العائلة، وتوثيق المعلومات بصورةٍ سليمةٍ وشيّقة وقابلة للعرض. كما يُمكن للطَّالب\ة (الباحث\ة الصغير\ة) التَّعرّف من خلال هذا المرشد وفعاليّاته على البلدات المهجّرة أو العامرة الَّتي عاش فيها الأَجداد والجدّات والآباء والأمّهات، وعلى قصص وأَحداث خاصّة بالعائلة. ونشجّع من خلاله الطّلاب والطّالبات على التّعمّق في وضع العائلة خلال النكبة، على معاناتها وقراراتها المصيريّة، وبشكلٍ خاصّ على قِصص احتضان ومساندة عائلات المهجَّرين واللّاجئين، والمواقف المشرّفة بهذا الخصوص لأبناء وبنات شعبنا من قرى وطوائف ومناطق مختلفة. كما ويشمل المرشد اقتراحات لتوثيق مصوّر لشخصيّات، ووثائق وأَدوات وأَشياء أُخرى (كالمفاتيح وغيرها..)، ومواقع جغرافية وأَسماءها العربيّة، ومعالم باقية من البلدات العامرة والمهجّرة. كما ويشمل اقتراحاتٍ لتلخيص انعكاسيٍّ للطّالب\ة، يتطرَّقُ إِلى الأُمور الجديدةِ الَّتي تعلَّمها\تعلَّمْتَها عن عائلته\ا في قضايا مختلفة واستنتاجاتِه\ا من هذا البحث. بإمكان الطالب\ة في نهاية المطاف اختيار طريقة العرض التي تناسبه\ا وتناسب الموادّ الَّتي تمَّ جمعُها وتوثيقُها، مثل تحضير عارضة آو فيلم لمحتويات الوظيفة آو جزء منها (كالصُّور) ونشرُها أَو عرضُها في المدرسةِ.
في هذا المرشد نضع بين أيديكم\ن في الجزء الأول مادة ثريّة عن الذاكرة والهويّة الجمعيّة، ونخص الفلسطينيّة، تعريفها وأهمّيّتها ونقاط التِقائها معَ الذّاكرة والهُويّة الفَرديّة، هذهِ المادَّة يُمكن لَها أنْ تُثري خلفيّة الْمُعلِّم\ة حولَ الموضوع، وينقلها\تنقلها بطريقته\ا الخاصّة لطلابه وطالباته.
أَمّا الجزء الثّاني فَيضمُّ أَهداف العَمل على هذا الموضوع، ووحدات وفعاليّات وملاحق عمليّة تستهدف ثلاث فئات جيل:
المرحلة الابتدائيّة العليا
المرحلة الإعداديّة
والمرحلة الثانويّة
وقد اخترنا تقسيم الوحدات لمراحل الجيل، لكي نتيح الفرصة للطالب\ة التعرّف على الموضوع بشكل متسلسل وبخطوات وفعالّيات تتلاءم مع جيله\ا وتطوُّره\ا الشّخصيّ والفكريّ، مراعين الفروقات الفرديّة والذكاءات المتعدِّدة حيثُ نحثُّ كلُّ معلِّمٍ\ة أَنْ يُلائم\تلائم الفعاليّات بما يتناسب مع طلّاب وطالبات صفّه\ا مراعيًا\مراعية الفروقات الفرديّة والاحتياجات والاهتمامات الخاصّة بمجموعة الهدف، كذلكَ خصوصيته\ا وتميّزه\ا كمعلم\ا.
آملين أنْ يكون هذا المرشد مرجعًا مُفيدًا وبداية طيِّبة لمبادرات تربويّةً إضافيَّة من شأنِها أَنْ تثري هذا الموضوع الهامّ.